الخميس، 17 نوفمبر 2011

مشاريع التخرج الجامعية تتحول إلى صفقات تصل حدود الجريمة


  تحقيق: مصعب الشوابكه.


"بدنا نكسبك زبون"، بهذه الكلمات ساوم الدكتور حسن الأستاذ في إحدى الجامعات الخاصة؛ "زبونه" القادم لشراء "مشروع تخرج مفصل على قد المقاس" نظير 150 دينارا (215 دولارا).
طلب الدكتور حسن (40عاما) هذا الثمن "المغري" مقابل بحث تخرج حول الربيع العربي من 30 صفحة، طلبه كاتب التحقيق، بعد أن تستر وراء شخصية طالب يدرس في مصر.
"كم صفحة تريد"؟ سأل دكتور التاريخ والحضارة الذي يدّرس مساق التربية الوطنية. أجابه كاتب التحقيق: "يعنيني النوع لا الكم يا دكتور".  فرد بثقة: "ما عليك من هالشغلة"، ثم اتصل بزميل له ليساعده في كتابة البحث وتأمين المراجع المناسبة. 
الدكتور حسن وزميله من بين عشرات الأساتذة الذين يبيعون طلابا جامعيين أبحاث تخرج مقابل 100 إلى 4000 دينار (150 إلى 5700 دولار) للبحث الواحد، بحسب نوع التخصص وحجم المشروع، على ما تابعه كاتب هذا التحقيق. غالبية هؤلاء يمتلكون مكاتب تجارية مرخصة لغايات الدراسات والأبحاث والخدمات الطلابية؛ لكنهم يستخدمونها كغطاء لبيع مشاريع تخرج على نحو غير شرعي.   



ولاء "اسم وهمي" خريجة الجامعة الهاشمية تخصص هندسة كهربائية اشترت وزملاؤها مشروع تخرجهم حول الخلية 
الكهروضوئية "900دينار" (1270 دولار). "كان ذلك أسهل حل أمامنا"، تستذكر ولاء لكاتب التحقيق متفاخرة بأنها حصلت على علامة أعلى من زملائها الذين عملوا مشاريعهم بأنفسهم.
لدى مواجهته بالمعطيات التي جمعها كاتب التحقيق – بصفته طالبا في البداية- أقرّ الدكتور حسن بأن مكتبه "كان" يبيع مشاريع تخرج سابقا، "لكنه الآن ترك هذا العمل متوجها إلى الترجمة والتحليل اﻻحصائي". رغم ذلك يصر الأستاذ الجامعي على أن عمله السابق "أخلاقي ولم أكن أدري  بأنه غير قانوني".

60 % الطلبة يشترون أبحاث تخرجهم 
توصل استبيان علمي أعده كاتب التحقيق – بالتعاون مع أستاذين في هيئة تدريس جامعة خاصة - إلى أن 72 % من خريجي الكليات الجامعية العلمية في 22 جامعة حكومية وخاصة  وعددهم 8718 خريج سنويا يقدمون مشاريع تخرج ليست من إعدادهم بعيدا عن رقابة الحكومة وإدارات الجامعات. كما أن ستة من كل عشرة طلبة أقروا بأنهم اشتروا مشاريع تخرجهم .

يُظهر الجدول (1) إحصائية خاصة بالكليات العلمية "الهندسة ، تكنولوجيا المعلومات، والزراعة والعلوم"  للعام الدراسي 2009/2010.

الرياضيات وعلم الحاسوب، الهندسة، هندسة العمارة وتخطيط المدن، الزراعة
أسماء الحقول الدراسية التي اعتنى بها التحقيق
22
عدد الجامعات التي تدرس هذه الحقول
61029
عدد الطلبة الملتحقين بها
8715
عدد الطلبة الخريجين منها سنوياً
2194                                              
عدد أعضاء هيئة التدريس فيها


علي "22 سنة" (اسم وهمي) أحد القيادات الطلابية في كلية تكنولوجيا المعلومات جامعة البلقاء التطبيقية يؤكد أنه اشترى مشروع تخرجه (حول ماذا)  مقابل "300 دينار" (425 دولار) من مكتب خاص بعمل المشاريع. ويقدر علي أن 80 % من دفعته اشترت مشاريع تخرج، والنسبة المتبقية يكون احد طلاب المجموعة المشاركة في المشروع هو من قام بعمله عن الآخرين دون مشاركتهم، أو يكون قد عمله لهم قريب أو صديق دون مقابل. ولم يتسن رصد آراء الخريجين من دفعة علي للتأكد من هذه النسبة.
يقدر احد أعضاء هيئة التدريس ومشرف على العديد من مشاريع تخرج في حقل تكنولوجيا المعلومات في احد الجامعات الحكومية الواقعة غربي عمان بأن نسبة شراء مشاريع التخرج "حسب ما شفت يصل إلى 50 %".
يُقر الأستاذ الدكتور محمد حمدان عميد كلية الهندسة في جامعة الزيتونة والعميد السابق لكلية الهندسة في الجامعة الأردنية وجود هذه الظاهرة وبنسبة كبيرة. وكذا أ.د. يوسف الجعافرة نائب رئس جامعة الإسراء، ولكنه يقدر أنها اقل من 10 % في جامعة الإسراء.
من جانبه يؤكد نائب رئيس مجلس التعليم العالي د.أمين مشاقبة أن هذه الظاهرة برزت منذ عقد تقريبا، بسبب ضعف مخرجات التعليم العالي بشكل كبير.
يختزل وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق ورئيس الأكاديمية العربية الدكتور عصام الزعبلاوي سبب ضعف المخرجات، بسوء مدخلات التعليم العالي الناتجة عن الهرم المقلوب من خلال التوسع في القبول على حساب كليات المجتمع وخاصة الموازي، فاليوم هناك 250 ألف طالب في الجامعات، إضافة إلى عدم وجود بيئة جامعية صحيحة.

مطالب تعجيزية
 "ما دفعني لشراء مشروعي هو المطالب التعجيزية" كما يبين غازي خريج جامعة الزيتونة هندسة برمجيات الذي اشترى مشروعه ب"400" دينار (565 دولار).
يتفق نائب رئيس جامعة الإسراء الدكتور يوسف الجعافرة مع غازي بوجود مطالب من قبل أعضاء هيئة تدريس ليظهروا أما زملائهم بأنهم يستطيعوا إنتاج مشاريع قيمة وفي واقع الأمر تفتقر سيرتهم الأكاديمية الطويلة لأي بحث منشور ومُحَكم.
حتى مكاتب بيع المشاريع تشتكي من تعجيز الأستاذ للطلبة، لان هذا يؤدي إلى تغيير الموضوع أكثر من مرة "احد الدكاترة أربك المركز لأنه غير مشروع احد الزبائن قبل المناقشة بيوم من web application إلى desktop application" هكذا تصف رانيا العاملة في احد المراكز الثقافية.

خطط دراسية تحول دون تأهيل الطلبة لعمل مشاريعهم
وفق استطلاع  الرأي يرى 71 % من الطلبة أن الخطط الدراسية لا تلبي حاجاتهم العلمية لعمل مشاريع تخرجهم.
ويرى الخبير التكنولوجي المهندس محمد خواجه أن الخطط الدراسية العلمية في الجامعات تركز على الجوانب النظرية، وتتجاهل الجوانب العملية، ما أدى إلى ضعف الطلبة من الناحية العملية والفنية، وبالتالي عدم قدرتهم على عمل مشاريع تخرجهم.
ففي تخصص علم الحاسوب التطبيقي، لا يشكل الجانب العملي أكثر من10 % في الخطط الدراسية لجميع الجامعات في الأردن، على حد وصف خواجة.
يرى المدرس محمد أسمران أستاذ علم الحاسوب في جامعة البلقاء التطبيقية، أن مشروع التخرج يكون أول تجربة عملية للطالب، ذلك أنه لا ينفذ مشروع عملي في المواد التي درسها بسبب تخصيص ساعات قليلة للجانب العملي.
يلمس طلبة ضعف تدريس الجامعات للمواد والمساقات المناسبة التي تؤهلهم لعمل مشاريع تخرجهم بأنفسهم. "فالتركيز على العموميات في الغالب والخطوط العريضة في وصف المساقات" وبالتالي عرض مادة علمية منزوعة الدسم، كما يقول علي الذي تخرج من الجامعة بتقدير جيد جداً. رغب علي وزملاؤه في البداية عمل مشروعهم بأنفسهم ولكنهم اصطدموا بواقعِ "عدم وجود الخبرة العملية الكافية نظرا لقلة الساعات المخصصة للجانب العملي" لديهم.  ويردف قائلا : "أنا معلوماتي في علم الحاسوب صفر"، تكرر هذا التوصيف على لسان عشرات الطلبة بعد تخرجهم على اختلاف تخصصاتهم.
يؤكد الخبير التكنولوجي م. محمد خواجة قصور الخطط الدراسية في التخصصات التقنية، إذ أن عمر غالبية المواد الدراسية انتهى، ويصعب تطبيقها عمليا في المشاريع وسوق العمل على حد وصفه. العديد من لغات البرمجة التي تدرس في الجامعات لغات ميتة (مثلCOBOL )، ولا تستخدم في الجوانب العلمية. ويرجع عدم إدخال مواد برمجية جديدة إلى المساقات العلمية إلى "عدم معرفة هيئة التدريس بها"، معتبرا أن الخطط الدراسية لا تلبي حاجات الطلبة العملية. ويؤكد أن العديد من الأساتذة لا يواكبون العلوم الجديدة – لا سيما في حقل تكنولوجيا المعلومات- ويطالبون طلبتهم بتطبيقات عملية عليها، غالبيتها أفكار علمية قديمة انتهى عمرها.
ويطالب عميد كلية الهندسة في جامعة الشرق الأوسط الدكتور محمد الخرابشة بتطوير الخطط الدراسية كل فصل جامعي لتشتمل على مواد الكتابة التقنية وأساليب البحث العلمي وحتى تواكب الحداثة. لكنه يرى أن أعضاء في هيئة التدريس يقفون حجر عثرة في وجهة تطوير الخطط الدراسية، "فالعديد منهم لا يرغب في إدخال ما هو جديد لأنهم لا يريدون بذل المزيد من الجهد نتيجة تغيير هذه الخطط". كذلك يشير إلى ضيق وقت أعضاء هيئة التدريس لبحث ما هو جديد.
من خلال مراجعة كاتب التحقيق للخطط الدراسية في 15 جامعة من اصل 22 تدرس التخصصات العلمية مُوضوع التحقيق، لم يجد أي مادة تُعنى بالبحث العلمي وأساليبه أو بالكتابة التقنية التي تساعد الطلبة على عمل مشاريعهم لاحقاً.

شهادات بدون علم!!!
"ببساطة ما عندي القدرة الكافية لعمل مشروع صغير جدا حتى أعمل مشروع تخرج" هكذا تقول جمانة خريجة كلية الهندسة في إحدى الجامعات الأردنية، التي اشترت مشروع تخرجها بمبلغ "300" (425 دولار) من احد الخريجين الذين سبقوها وامتهنوا بيع المشاريع. وتعتقد جمانة أن أعضاء هيئة التدريس مهملون في تعليم الطلبة الجوانب العملية المهاراتية، والمختبرات العملية لا تُعطى حقها في التدريس والوقت المخصص لها.
يجمع علي وجمانة على أن غالبية المواد الدراسية لم يتم إستكمال تدريسها من قبل الأستاذ، فيما يُدرس الأستاذ أربعة أجزاء من عشرة "والباقي مش مطلوب" على حد وصفهم.
ويتفق عميد كلية الهندسة في جامعة الشرق الأوسط الدكتور محمد الخرابشة مع الطالبة جمانة وعلي فيما طرحا من قضايا، ويرى أن التعليم الجامعي يعاني من صعوبات كثير "فهناك من لا يستطيع حتى كتابة تقرير تقني أكاديمي" بعد خمس سنوات من الدراسة، فالكثير من الطلبة خرج من الجامعة كما دخل من الناحية العلمية.
يعاني علي وجمانة والطلبة مشتري المشاريع الذي قابلناهم من البطالة بعد التخرج، نظرا لضحالة معلوماتهم في حقول تخصصاتهم العلمية. 
كشف استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة أريج أسباب شراء الطلبة لمشاريعهم، فمنهم من اشتراه لعدم قدرته العلمية أو توفيراً للجهد  وتوخياً للراحة أو لقناعته بان النتيجة واحدة.
لا يوجد أي من الحقول العلمية التي تناولها التحقيق حصانة ضد هذه الظاهرة، ولكنها أكثر انتشاراً في حقلي علم الحاسوب والهندسة، ورصد التحقيق ستة مكاتب من ثمانية أمام البوابة الرئيسية للجامعة الأردنية فقط تبيع مشاريع التخرج في حقل علم الحاسوب والهندسة بينما في حقل الزراعة كان مكتبا واحد، إضافة إلى كثافة الإعلانات التي تروج إلى مشاريع علم الحاسوب والهندسة، كما أن عدد الخريجين يبلغ 3452 في حقل علم الحاسوب و4711 في حقل الهندسة.

وهم الرقابة الجامعية على مشاريع التخرج
"ما عرفت مشروعي ...ولا شو بدي احكي إلا قبل المناقشة بنصف ساعة فقط..." هذا ما حصل مع خالد خريج هندسة البرمجيات في إحدى الجامعات الأردنية الذي حصل على علامة "ب+" في مشروع تخرجه رغم شرائه، مع تأكيده انه لم يزر مشرف مشروعه إطلاقاً إلا يوم المناقشة، وهو ما حصل مع  محمود خريج علم الحاسوب من جامعة فيلادلفيا الخاصة الذي اشترى مشروع تخرجه أيضا.
يُحمّل عميد كلية الهندسة في جامعة الزيتونة أ.د.حمدان أعضاء هيئة التدريس ومشرفي المشاريع مسؤولية الرقابة شبه المعدومة على مشاريع التخرج ويرى أن السبب الرئيس لضعف الرقابة هو " عدم مبالاة أعضاء هيئة التدريس في المشاريع ... هناك عدد من الطلبة أكدوا لي شرائهم لمشاريع تخرجهم...والمشرف لا يسأل عنهم".
بينما يرى نائب رئيس جامعة الإسراء أ.د.الجعافرة أن مشاريع التخرج في الجامعات الكبيرة لا تمر في مراحل التمحيص والتدقيق؛ لانشغال هيئة التدريس بالعبء الإضافي، " هناك مشرفين لا يَعلمون عن طلبتهم شيء... ويرى الطالب أول الفصل وأخره فقط".
عدد المحاضرات لكل عضو هيئة التدريس وفق قانون الجامعات الأردني 9 ساعات أسبوعيا للأستاذ، 12 ساعة أسبوعيا للأستاذ المشارك والمساعد، و 15 ساعة أسبوعيا للمدرس والمدرس المساعد.
" بعض الزملاء في الجامعات يدرس 28 ساعة ونصابه 9 ساعات" والمصيبة الكبرى أن يكون مشرف على مشاريع ورسائل على حد قول د. الخرابشة.
تشير نتائج الاستطلاع إلى أن 66.5 %من الطلبة يؤكدون أن كثرة أعداد الطلبة تحول دون رقابة جيدة على المشاريع.
ويبرز ضعف الرقابة الجامعية أيضا من خلال جملة من المظاهر التي تلازم مشاريع التخرج ابتداءً من سطحية المناقشات، وسوء التقييم مروراً بالرشوة وتفشي الواسطة والمحسوبية وانتهاءً بالمناكفات التي تسقط الطلبة في ظل غياب واضح لدور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

شراء مشاريع التخرج تحت رعاية المشرف
وأظهره استطلاع الرأي الخاص بهذا التحقيق أن نسبة 46% من الطلبة يرون أن مشرفهم يعلم بشرائهم لمشاريع تخرجهم، وان 49% يرون بان مشرفهم يعلم بعدم إعدادهم لمشاريعهم بأنفسهم.
يتوقع المدرس في جامعة البلقاء التطبيقية محمد أسمران أن نسبة المشرفين الذين يعلمون بشراء طلبتهم لمشاريعهم ويتواطئون معهم لا تزيد عن 20%.
يشير احمد السوالقة خريج جامعة البلقاء التطبيقية أن احد مشرفي المشاريع في كليته أرشده وزملاؤه إلى مكاتب بيع مشاريع التخرج لعمل مشاريعهم فيها.
ويرى 53.5% من الطلبة وفق استطلاع الرأي أن المشرف لا يستخدم صلاحياته، في حين يرى58% من الطلبة أن المشرف ولجنة المناقشة لا تطبق القوانين والأنظمة والتعليمات على مشاريع التخرج.


العلامة والتقييم للمشرف وليس لطالب
يجمع نائب رئيس جامعة الإسراء د.يوسف الجعافرة وعميد كلية الهندسة في جامعة الزيتونة د.محمد حمدان و عميد كلية الهندسة في جامعة الشرق الأوسط الدكتور محمد الخرابشة على أن تقييم المشاريع في الغالب لا يكون على ما أنجزه الطلبة، بل تحكم ذلك المجاملة والضغوط الاجتماعية وعلاقة الزمالة بين أعضاء هيئة التدريس، لذلك تكون العلامة للمشرف وليس لطالب، ويقول الجعافرة " بعض الزملاء المشرفين يغضب إذا اللجنة ناقشت طالبهُ بعمق ويعتقدوا انه امتحان موجه لهم وليس للطالب".
يعتبر المشرف أن فشل الطالب هو فشله من الناحية الأكاديمية لأنه في الواقع هو مدير المشروع على حد قول عضو هيئة التدريس في جامعة البلقاء أ.محمد أسمران، الذي يرى أيضا أن مشرف المشروع هو الطرف الأقوى في المناقشة لأنه يرأس اللجنة.


الواسطة والمحسوبية معيار أخر للتقييم

يرى 70.5% من الطلبة حسب الاستطلاع أن الواسطة والمحسوبية تلعبا دورا كبيرا في تقييم المشروع وعلامته.
بينما محمد "اسم وهمي" خريج جامعة البترا حصل على "أ" في مشروع تخرجي بالواسطة، عن طريق تدخل احد معارفه مع مشرف المشروع.
يشكو ثامر من الجامعة الأردنية من حصول زملاؤه على تقدير أعلى منه بالواسطة والمحسوبية لقربهم ومعرفتهم المسبقة بالأستاذ، مع أن مستواه العلمي يفوقهم، مما اثر على تقديره العام بشكل سلبي، على حد قوله.
"كل أشي بالجامعة بالواسطة ليس فقط في مشاريع التخرج" هكذا يصف علي خريج جامعة البلقاء التطبيقية الواقع في جامعته.
 يجزم عميد كلية الهندسة في جامعة الزيتونة د.محمد حمدان أن ما لا يقل عن 30% من أعضاء هيئة التدريس يستجيبون للواسطة وخصوصا في مشاريع التخرج.

رشاوى تحت بند هدايا تقلب المعايير
" آبي أتخرج"، قالها قصي الطالب الوافد خريج إحدى الجامعات الأهلية في عمان معللا فيها سبب تقديمه الهدايا العينية والمالية لمدرسيه وخصوصا لجنة مناقشة مشروعه.
احمد السوالقة خريج جامعة البلقاء يؤكد أن العديد من زملائه كانوا يقدمون الهدايا " من العطور والساعات..." والخدمات لأعضاء هيئة التدريس، قائلا "هؤلاء الطلبة كانوا يأخذوا أعلى العلامات"
لم يخفِ الأكاديميون الذين قابلتهم غضبهم من الممارسات السيئة لبعض أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأردنية، ويؤكد عميد سابق في احد اعرق الجامعات الأردنية وجود رشاوى مالية، وعينية، وخدمات تقدم من قبل الطلبة لأعضاء هيئة التدريس، مقابل مساعدتهم في مشاريعهم، وأبحاثهم العلمية، أو غض الطرف عن تقصيرهم في حياتهم الأكاديمية.
أعضاء هيئة تدريس قبضوا رشاوى من طلبتهم، وافتضح أمرهم داخل جامعتهم التي لم تتخذ بحقهم أي إجراءات رادعة، ومازالوا مدرسين فيها على حد قول د.الخرابشة الذي حذر من تفشي الرشوة في الوسط الجامعي. 
يوضح نائب رئيس جامعة الإسراء د. يوسف الجعافرة أن المرتشون من المدرسين يجيزون الرشاوى من طلبتهم وخصوصا الوافدين منهم بوصفها هدايا متبادلة.

مناكفات المناقشين تسقط الطلبة
يذهب طلبة آخرون ضحية مناكفة بين أعضاء لجنة المناقشة أنفسهم، فمهدي خريج نظم المعلومات الحاسوبية من جامعة حكومية قرب عمان، الراسب الوحيد خلال خمس فصول دراسية سابقة، يرسب في مشروعه ويتأخر تخرجه؛ بسب خلافات بين لجنة المناقشة ومشرف المشروع، علما انه قدم نفس المشروع في الفصل القادم دون تغير وحصل على علامة "ب"!!
يقول علي خريج جامعة البلقاء التطبيقية لا يرسب احد ولا تطبق التعليمات والأنظمة " إلا إذا كان الدكتور بكره الطالب" 
ويؤكد د.الجعافرة ود.الخرابشة ود.حمدان على وجود حالات انتقام ومناكفة بين أعضاء لجنة المناقشة يذهب ضحيتها الطلبة.

وزارة التعليم العالي غير معنية!!!
تجلى موقف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وفقا لأمينها العام د. مصطفى العدوان  بأنها غير مسؤولة عن الجامعات، وعملية التدريس والإشراف على مشاريع التخرج، فالجامعات الأردنية مستقلة، وهي المعنية بمتابعة جودة مشاريع التخرج؛ من خلال عمادات البحث العلمي فيها.
يوضح عميد البحث العلمي في جامعة آل البيت أ.د.ياسين السعود، أن اختصاصات عمادة البحث العلمي الإشراف على أبحاث الهيئة التدريسية ونتاجهم العملي، وليس من اختصاصها متابعة جودة مشاريع تخرج الطلبة.
مجلس التعليم العالي وعلى لسان رئيس اللجنة الأكاديمية في مجلس التعليم العالي د.حكم الحديدي، بين أنه لم يلمس وجود لظاهرة شراء مشاريع التخرج على ارض الواقع، ولم يسمعوا بها إلا من خلال الصحافة، مؤكدا انه لم تضبط أي حالة  شراء مشاريع تخرج.

مكاتب لبيع مشاريع التخرج دون حسيب ولا رقيب
احمد يملك شركة تبيع مشاريع التخرج لطلبة البكالوريوس والماجستير في تخصصات تكنولوجيا المعلومات المختلفة، في احد اشهر شوارع عمان التجارية، وتمارس هذه الشركة عملها في العلن دون تسترٍ أو خوف، دخلت هذه المكتب بصفتي طالب يريد شراء مشروع تخرجه، وخرجت منه بعد الاتفاق على متطلبات المشروع ومدة تسليمه وثمنه، ويوثق ذلك العقد المبرم بيننا،                
شركة احمد، مرخصة من وزارة الصناعة والتجارة، وحين التأكد من رقم التسجيل تبين أنها مرخصة لغايات الاستثمارات والمحاسبة والضريبة.
أكد احمد أن عمله قانوني وأخلاقي وانه يساعد الطلبة في تجاوز مرحلة الدراسة الجامعية دون مصاعب وإخفاقات، بعد أن كشف كاتب التحقيق عن هويته الصحفية ومواجهته لأحمد عن طبيعة عمله.

المراكز التعليمية، دكاكين لبيع المشاريع
"دورة مشروع" هكذا سماها أصحاب المراكز الثقافية والتعليمية المرخص حسب أنظمة وتعليمات وزارة التربية والتعليم وتعارف عليها الطلبة أيضا، فالهدف هو بيع المشروع والدورة حبر على ورق وهي الغطاء القانوني أمام أجهزة الرقابة، كما تقول رنا "اسم وهمي" مدير مركز ثقافي قرب الجامعة الأردنية.
أظهرت نتائج مسح عشوائي قام به كاتب التحقيق سريع 12مراكز ثقافية في لواء الجامعة الأردنية، أن 10 مراكز تبيع مشاريع التخرج العلمية.
وزارة التربية والتعليم المعنية بمراقبة المراكز ومتابعتها لم تتلقى أي شكوى على المراكز الثقافية، التي يبلغ عددها 506 مراكز في مختلف مناطق المملكة بخصوص بيعها لمشاريع التخرج، ولم يضبط أي مركز يقوم بهذا العمل، على حد قول مدير مديرية المؤسسات التعليمية الخاصة في وزارة التربية عمر الخصاونة.
ولم تزر فرق الرقابة خلال العامين السابقين المركز الذي تعمل به رنا إلا مرة واحد فقط.

مكاتب الخدمات الجامعية تجاوزات واضحة
من خلال إجراء اتصالات هاتفية مع ستة من مكاتب الخدمات  الجامعية المرخصة وفق أنظمة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لغايات تأمين القبولات الجامعية في الداخل والخارج، أفاد مكتبان أنهما على استعداد لعمل مشروع تخرج في حقل تكنولوجيا المعلومات مقابل اجر مالي.
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وعلى لسان مساعد الأمين العام للشؤون الفنية المهندس منذر البطاينة أكدت أنها لم تتلقى خلال السنوات الماضية أي شكوى بخصوص بيع مشاريع التخرج على  مكاتب الخدمات الطلابية المرخصة لغاية تأمين قبول الطلبة في الجامعات داخل الأردن وخارجه، والتي يبلغ عددها 29مكتبا، ولم يضبط أي مكتب يقوم بهذا العمل .
وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق الدكتور وجيه عويس صرح لوكالة عمون خلال توليه المسؤولية  أن الوزارة منحت تصريحاً لـمكاتب بهدف مساعدة الطلبة في تأمين قبولهم بالجامعات إلا أن الوزارة تردها معلومات عن تجاوز المكاتب لهذا الأمر إذ يقوم بعض منها ببيع المشاريع والأبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه.

الانترنت مزاد علني ليع المشاريع
احمد صالح معلم مدرسة، عمره 25 سنة كون وزملاءه بعد تخرجهم من الجامعة فريق لعمل مشاريع التخرج وبيعها في حقل علم الحاسوب، فريق صالح المكون من عشرة شركاء غير مرخص وليس له مقر، عملهم يكون من خلال الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي وتسليم المشروع وشرحه يكون في احد مقاهي عمان أو مجتمع المعرفة مقابل الجامعة الأردنية ويبيع الفريق قرابة عشر مشاريع في الفصل الواحد، لم يشعر صالح وزملاءه بالرقابة الحكومية عليهم منذ عملهم قبل عام.
"الرقابة على بيع المشاريع ستفاقم المشكلة لان الطالب غير مؤهل"، هكذا يرى عز الدين صاحب مكتب دراسات وأبحاث قرب الجامعة الأردنية، ويضيف الحل ليس منع المكاتب من بيع مشاريع التخرج؛ الحل هو التدريس الجيد.
يرى نائب رئيس جامعة الإسراء أ.د. الجعافرة أن هذه المراكز والمكاتب لا يمكن مراقبتها نظرا لكثرتها، وخصوصا وانك تتعامل في الغالب مع رقم هاتف وتتفاوض ويجري التسليم دون أن تعرف من قام بعمل المشروع، " وللأسف أن اغلبهم من قطاع الجامعات" على حد قوله.

التشريعات الناظمة للعملية التعليمية والأكاديمية تعاني من النقص.
من خلال مراجعة تعليمات منح درجة البكالوريوس المتشابهة بشكل كبير جدا في كل الجامعات الحكومية والخاصة، لم يوجد نص قانوني واحد يجرم شراء أو سرقة مشاريع التخرج في الجامعات الأردنية.
يتفق رئيس جامعة الإسراء د. يوسف الجعافرة وعميد كلية الهندسة في جامعة الشرق الأوسط د.محمد الخرابشة على أن تعليمات منح درجة البكالوريوس قديمة وبحاجة إلى تطوير وتغيير لتكون أكثر رقابة على العملية الأكاديمية.
كما لا يوجد نص قانوني في أنظمة تأديب الطلبة في الجامعات الصادرة بمقتضى قانون الجامعات الأردنية يجرم سرقة أو شراء مشاريع التخرج.
ويطبق على الطالب الذي يضبط بشراء أو سرقة مشروع تخرجه في مرحلة البكالوريوس المواد القانونية التي تعالج حالات الغش أثناء تأدية الامتحان وفق نظام تأديب الطلبة، على حد قول عميد كلية الهندسة في جامعة الزيتونة د. محمد حمدان.
حتى المواد الخاصة بالغش لم تطبق بكل بنودها على الطلبة الذين ضبطوا بسرقة أو شراء مشاريع تخرجهم، ففي جامعة الإسراء كان عقوبة المشاريع الثلاث التي ضبطت خلال الثلاث سنوات السابقة - غير مكتمل- تأخير مناقشة وتقديم مشاريعهم للفصل القادم على حد قول د. الجعافرة.
يرى 58% من الطلبة حسب استطلاع الرأي عدم  وجود مخاطر في شراء مشاريع التخرج جراء عدم الجدية في تطبيق أي عقاب رادع.
ينتقد د. يوسف الجعافرة د. حمدان ود. الخرابشة عدم وجود نص قانوني صريح في التشريعات الأكاديمية، يجرم الطلبة الذين يبتاعون مشاريع التخرج والأساتذة الذين يتعاملون في هذا المجال.
يحمل د.الجعافرة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي القصور في الجوانب التشريعية الناظمة للعملية الأكاديمية، منتقدا أيضا عدم استقرار التشريعات الأكاديمية والتعليمية.

نظام المراكز الثقافية لا يجرم بيعها للمشاريع
يفتقد نظام المراكز الثقافية رقم 110/ لسنة 2008 وتعليماته صادر وفق قانون وزارة التربية والتعليم رقم 3/ لسنة 1994 لأي نص قانوني يجرم أو يمنع إعداد المشاريع وبيعها.
ينفي مدير مديرية المؤسسات التعليمية الخاصة في وزارة التربية والتعليم عمر الخصاونة أن يكون هناك نقص تشريعي في نظام المراكز الثقافية والتعليمية، قائلا :"أن كل ما لم يرد في النظام والتعليمات بأنه مسموح فهو ممنوع"!!
ينفي مساعد الأمين العام للشؤون الفنية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المهندس منذر البطاينة وجود نقص تشريعي أو قانوني في التشريعية الناظمة للعملية الأكاديمية والجامعية في الأردن.

تجارب عالمية في محاربة سرقة وشراء مشاريع التخرج
تستخدم الجامعات العريقة في الوطن العربي والعالم العديد من الاستراتيجيات لتقليل من نسبة شراء مشاريع التخرج والأبحاث وسرقتها، فموقع Turnitin  الالكتروني  الخاصة بوثوقية الأبحاث والمشاريع الطلابية العلمية، يحتوي على أكثر150 مليون ورقة بحثية موثقة للطلبة، وأكثر من 90 ألف كتاب ومجلة علمية مُحكمة، كما يحتوي على 14 بليون صفحة انترنت موثقة ، ويستخدم هذا الموقع أكثر من مليون أستاذ، وأكثر من 10 ألف منظمة تعليمية، و20 مليون طالب نظامي، لمعالجة الاستلاب في مشاريع التخرج والأبحاث العلمية، حيث يبين هذا الموقع نسبة وموقع الاستلاب في مشايع التخرج والأبحاث والأوراق العلمية، وتكاد تكون نسبة استخدم هذا الموقع في الأردن شبه معدومة، وقفا لمؤشرات موقع http://www.alexa.com المتخصص في إحصائيات وترتيب المواقع حسب الزوار وفق أماكن تواجدهم وعدد زيارتهم.

• أنجز هذا التحقيق بدعم من شبكة أريج وإشراف الزميل سعد حتر وإعداد الوحدة الإستقصائية في راديو البلد.